دعم بعضنا البعض

امتيازات الانتماء إلى جسد المسيح


بَلْ صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ، الَّذِي مِنْهُ كُلُّ الْجَسَدِ مُرَكَّبًا مَعًا، وَمُقْتَرِنًا بِمُؤَازَرَةِ كُلِّ مَفْصِلٍ، حَسَبَ عَمَلٍ، عَلَى قِيَاسِ كُلِّ جُزْءٍ، يُحَصِّلُ نُمُوَّ الْجَسَدِ لِبُنْيَانِهِ فِي الْمَحَبَّةِ. أفسس ٤ : ١٥ - ١٦


جسد المسيح

أولاً، كل مؤمن هو جزء من جسد المسيح. هذا الجسد له أعضاء كثيرة، وكل عضو منها مهم وضروري.

ويقول بولس إن كل عضو في الجسد يجب أن ينمو ويعمل معاً.

«بل صادقين في المحبة، ننمو في كل شيء نحو ذاك الذي هو الرأس: المسيح، الذي منه كل الجسد، مركباً معاً ومقترناً بمؤازرة كل مفصل، حسب عمل كل جزء بقدره، ينمو نمو الجسد لبنيانه في المحبة» (أفسس ٤ : ١٥-١٦)

ثانياً، شعب الله ينمو ليصير هيكلاً ليسكن فيه الله. «مبنيين على أساس الرسل والأنبياء، ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية، الذي فيه كل البناء، مركباً معاً، ينمو هيكلاً مقدساً في الرب. الذي فيه أنتم أيضاً مبنيون معاً مسكناً لله في الروح» (أفسس ٢ : ٢٠-٢٢)

 

النضوج الروحي والتشبّه بالمسيح

لكي ينضج جسد المسيح ويُبنى الهيكل ليكون مسكناً لله، يجب على كل مؤمن أن يلتزم ببناء ودعم الآخرين. الكلمة الكتابية لهذا العمل هي «البنيان» (أفسس ٤ : ١٢)، وهي العملية التي تؤدي إلى النمو الروحي. والهدف من البنيان هو النضوج الروحي والتشبّه بالمسيح. فعندما يقوم كل عضو بدوره في دعم وبناء الآخرين في الجسد، ينمو الجسد كله ويصبح ناضجاً وصحيحاً.

هناك طرق مختلفة لبناء جسد المسيح. ففي العهد الجديد نجد عبارات كثيرة تحتوي على «بعضكم بعضاً» أو «يبني» تشير إلى أساليب محددة لدعم وبناء الآخرين. لننظر إلى بعض الأمثلة:
"لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ."

(أفسس ٤ : ٢٩)

كلمات صادقة

من السهل أن نتبادل كلمات قد تجرح أو تنتقد أو تحبط، أو حتى كلمات بلا فائدة. لكننا مدعوون لأن نبني بعضنا البعض بكلمات نعمة — كلمات مختارة بعناية، تُقال في الوقت المناسب وبالروح المناسبة. كلمات النعمة تخدم الآخرين وتلبي احتياجاتهم، فهي تعبر عن المحبة، والتشجيع، والقبول، والتقدير. ومن منا لا يشعر بأن روحه تنتعش حين يسمع كلمات صادقة مثل:
«أنا أقدّرك.»
«أنا أحبك.»
«الله استخدمك لتخدمني.»
«شكراً على خدمتك المخلصة.»
«لاحظت كيف غيّر الله هذه الناحية من حياتك، وأنا أفرح معك بذلك.»

المحبة الحقيقية لا تُستفَز بسهولة، ولا تحفظ الحقد، ولا تفرض توقعات أو شروط على الآخرين، ولا تعتمد على مصالح شخصية. وكأشخاص نلنا رحمته ولطفه اللامحدود، ينتظر الله منا أن نعامل الآخرين بنفس هذه المحبة. هذه المحبة تضع الآخرين أولاً وتتحلى بروح التواضع:

"وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ، مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْكَرَامَةِ." (رومية ١٢ : ١٠) 

"لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضًا." (فيلبي ٢ : ٤).

هذه المحبة تعكس روح المسيح، إذ تسعى إلى خدمة الآخرين وتقبل التضحية والجهد من أجل تلبية احتياجاتهم:

"بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا." (غلاطية ٥ : ١٣)
"وَلْنُلاَحِظْ بَعْضُنَا بَعْضًا لِلتَّحْرِيضِ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ." (عبرانيين ١٠ : ٢٤ - ٢٥)


الإحباط وارد

الحياة المسيحية هي معركة وسباق، وليست دائماً سهلة. أحياناً يشعر الجنود بالإحباط، وأحياناً يتعب العدّاؤون. كلاهما يحتاج إلى التشجيع والدعم. فقد قال بولس للمؤمنين العبرانيين الذين كانوا يواجهون الاضطهاد والشعور بالإحباط: «فلنفكر كيف نشجع بعضنا بعضاً على المحبة وخدمة المسيح بأمانة أكبر. فلنشجع بعضنا البعض!»

"لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً، وَأَنْتُمْ بِكُلِّ حِكْمَةٍ مُعَلِّمُونَ وَمُنْذِرُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، بِنِعْمَةٍ، مُتَرَنِّمِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ." (كولوسي ٣ : ١٦)

 

كل مؤمن يحتاج أن يعرف كلمة الله معرفة شخصية، ليس فقط من أجل نموه الروحي، بل أيضاً ليتمكّن من خدمة الآخرين. فنحن جميعاً بحاجة إلى تعليم وتشجيع من مؤمنين ممتلئين بالروح، كما أننا مدعوون للمشاركة الفعّالة في بناء حياة الآخرين من خلال الحق الكتابي المجرَّب والمُطبَّق في حياتنا.

 

أحياناً يتطلّب الأمر أن نكون مستعدين لمواجهة أخ أو أخت في أمر من حياتهم لا يتوافق مع الكتاب المقدس (رومية ١٥ : ١٤ ؛ غلاطية ٦ : ١ ؛ متّى ١٨ : ١٥). ويجب أن تكون هذه المواجهة دائماً بروح الوداعة والمحبة والتواضع، مدركين أن نعمة الله وحدها هي التي منحتنا الانتصار في هذا الجانب. فالبنيان بهذه الطريقة ليس سهلاً، لأنه قد يكون مؤلماً، لكنه أيضاً من أصدق علامات المحبة الحقيقية. وأنا أشكر الله على المؤمنين الذين أحبّوني بما يكفي ليُظهروا لي جوانب في حياتي لا ترضي الله، لأن هؤلاء الأشخاص ضروريين لمساعدتي على التشبّه أكثر بالمسيح.

«احملوا بعضكم أثقال بعض، وهكذا تمموا ناموس المسيح» (غلاطية ٦ : ٢)

«افرحوا مع الفرحين، وابكوا مع الباكين» (رومية ١٢ : ١٥)


«فإن كان عضو واحد يتألم، فجميع الأعضاء تتألم معه. وإن كان عضو واحد يُكرم، فجميع الأعضاء تفرح معه» (١ كورنثوس ١٢ : ٢٦)

من امتيازات الانتماء إلى جسد المسيح أننا لا نضطر أبداً إلى حمل الأثقال وحدنا. فعندما يتألم أحدنا، نتألم جميعاً معه. عندما انتقل والدي إلى السماء، حمل الكثير من شعب الله هذا الحمل معي، واستخدم الله صلواتهم ودموعهم وكلماتهم المشجعة ليسندني ويذكرني بمحبة الله لي. لذلك يجب أن نتعلم كيف نكون حسّاسين تجاه من يحملون أثقالاً، وأن نُظهر اهتمامنا من خلال الاستماع، والصلاة، والتشجيع، ومشاركتهم الحمل كلما أمكن.

وهناك العديد من وصايا «بعضكم بعضاً» في الكتاب المقدس:
 «لا يذم بعضكم بعضاً» (يعقوب ٤ : ١١).
 «لا يتذمر بعضكم على بعض» (يعقوب ٥ : ٩).
 «اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات، وصلّوا بعضكم لأجل بعض لكي تشفوا» (يعقوب ٥ : ١٦).

لا يمكن لأيٍّ منا أن ينضج روحياً إذا لم يلتزم بأن يسمح للآخرين بأن يبنوا حياته، وأن يكون هو نفسه في بناء حياة الآخرين.

 

طلبة الصلاة:


صلِّ هذا الأسبوع:


أيها الآب السماوي،

ساعدني أن أكون مصدر تشجيع مليء بالرحمة لإخوتي المؤمنين. أرشد لساني حتى لا يتذمر. أحتاج إلى حكمتك، وأشكرك يا يسوع على محبتك المستمرة. آمين.




في حياة من أنت ملتزم أن تبنيها من خلال وصايا «بعضكم بعضاً» الواردة في الكتاب المقدس؟

تواصل معنا.


هل تحب هذا؟

هل تحب ما قرأت للتو؟ قم بالتسجيل للحصول على هذا كبريد إلكتروني في صندوق الوارد الخاص بك هنا!

التسجيل