ذُو الرَّأْيِ الْمُمَكَّنِ تَحْفَظُهُ سَالِمًا سَالِمًا، لأَنَّهُ عَلَيْكَ مُتَوَكِّلٌ. إشعياء ٢٦ : ٣
كان الأخ لورانس رجلًا فقيرًا يعمل غسّال أطباق وطباخًا في
دير فرنسي خلال القرن السابع عشر. وعلى مدار أربعين عامًا قضاها كراهب، توصّل إلى فهم
عميق لمعنى تطبيق حضور الله — وهو العنصر الرابع ضمن [سلسلة كين بوا المكونة من ٨ مقالات
حول الأساسيات الروحية]. كتب الأخ لورانس أنّه بلغ مرحلة أصبح فيها دائمًا "يحافظ
على ذهنه في حضرة الله المقدسة، ويعيده إليها كلما لاحظ أنه شرد عنها."
ليس عليك أن تكون راهبًا لتتبع مثال الأخ لورانس، ولكن تحويل
هذا المثال إلى سياق عصري وغير رهباني قد يكون صعبًا. ولهذا السبب قمت بكتابة كتاب
الحياة في حضرة الله بالإضافة إلى دليل تدريبي مكمل بعنوان (دليل لتطبيق
حضور الله)، بهدف مساعدة الناس (بما فيهم أنا) على تعلم كيفية تطبيق حضور الله
في الحياة اليومية، حتى في عالم اليوم الذي يعمل على مدار الساعة طوال الأسبوع.
ما معنى "تطبيق حضور الله"؟
تطبيق حضور الله هو فكرة متأصّلة بعمق في الكتاب المقدس،
على الرغم من أن هذه العبارة بعينها لم ترد في النصوص المقدسة. في جوهرها، تعني
"إدراك حضور الله، وتطوير عادات تساعد على إدراك هذا الحضور."
يستخدم الكتاب المقدس عبارات مثل "الثبات في
المسيح"، "البقاء فيه"، "السير مع الله"، أو "السير
بحسب الروح". بالإضافة إلى ذلك، تشير أوامر أخرى في الكتاب المقدس بشكل غير
مباشر إلى تطبيق حضور الله، لأنها تطبيقات مستمرة لا يمكننا القيام بها إلا بقوة
روحه القدوس في حياتنا اليومية.
صور للحياة في حضور الله
تُقدّم هذه الصور الثلاث عشرة جانبًا من الرؤية الكتابية
لمعنى العيش في حضور الله. كلّها أنشطة مستمرّة وليست أفعالًا تُنفّذ مرة واحدة
وتنتهي.
- الثّبات في المسيح (يوحنا ١٥ : ٤ -
٥)
- محبّة الله والقريب (متى ٢٢ : ٣٧ -
٤٠)
- ضبط الذّهن (رومية ٨ : ٥ -
٦)
- السير بحسب الروح أو
مواكبة خطوات الروح (غلاطية ٥ : ١٦، ٢٥)
- توجيه القلب نحو
السماويات (كولوسي ٣ : ١ - ٢)
- الفرح دائمًا (١ تسالونيكي ٥
: ١٦)
- الصلاة بلا انقطاع (١ تسالونيكي ٥
: ١٧)
- الشكر في كل الظروف (١ تسالونيكي ٥
: ١٨)
- الجري بالصبر
والمثابرة (عبرانيين ١٢ : ١ - ٢)
- الخضوع وتقديم الذات
للَّه (رومية ١٢ : ١ - ٢)
- المثابرة نحو الهدف (فيلبي ٣ : ١٢ -
١٤)
- التّأمل فيما هو
صالح ومُرضٍ (فيلبي ٤ : ٦ - ٨)
- تذكّر أمانة الله
ومعونته (تثنية ٨ : ٢ - ٣)
مهما كان المصطلح المستخدم لوصف هذا "التمرين"،
فإن كلمة الله واضحة بأن الوعي الدائم بحضوره أمر بالغ الأهمية. لكنه لا يحدث
تلقائيًا أو عفويًا؛ بل يتطلب ثقة وتدريبًا مستمرين.
الاندماج المتعمّد
الحقيقة الأساسية التي أدركها الأخ لورانس (وغيره) هي أن
الحياة بأكملها تُعاش في حضور الله؛ فلا يوجد جزء منها، ولا حتى أكثر الأمور
العادية أو المألوفة، يخلو من وجوده وتأثيره.
العيش في حضور الله ليس مسألة تفضيل الروحي على المادي أو
المقدس على العادي. بل هو دمج بين المجالين، والعيش كـ"كائنات برمائية"
(وفقًا لتعبير سي. إس. لويس)، بحيث نعيش في الأبدية والزمن معًا.
بطريقةٍ غامضة، صمّم الله عقولنا بحيث نستطيع، في أعماق
قلوبنا، أن نكون في حالة صلاة وعبادة حتّى ونحن نقوم بأعمالنا اليومية المعتادة.
يمكننا إدخال أمور تعزّز حضور الله في وسط روتيننا اليومي، ممّا يسمح له بأن يفيض
في كلّ لحظة وكلّ تفصيل من تفاصيل حياتنا.
هذا ليس مثل تعدّد المهام؛ بل هو تذكّر أكبر للنيّة
والوعي في ما نقوم به بالفعل. إنّه يتجاوز "وقت التأمل الصباحي"
المعتاد، ليأخذ وعيًا دائمًا بحضور الله معنا طوال اليوم، ممّا ينتج عنه حياة
غنيّة بالهدف، مليئة بالطاقة والحيوية المستمدّة من قوته وفرحه، بدلًا من حياة
نعيشها مرهقين ومنهكين ونحن نعتمد على قوتنا الشخصية.
غالبًا ما يُعلَّم المسيحيون أنّ خطّ الدفاع الرئيسي ضد
صخب العالم وضغوطه هو وقت يومي من التأمل الهادئ. وإذا كنا ملتزمين بما يكفي
لتطبيق هذا، فإننا عادة "ننهيه" قبل مغادرة منازلنا في الصباح. بعد ذلك،
ننطلق إلى بقية يومنا، وقد قمنا بفصل حياتنا مع الله عن بقية أنشطتنا، تاركين
الكتاب المقدّس وعلاقتنا مع يسوع على المكتب أو بجانب السرير.
"بالتأكيد، من الجيّد أن نكرّس اللحظات الأولى أو
الأخيرة من يومنا للَّه. ولكن ماذا عن بقية اليوم؟ من السّهل جدًا أن تضل قلوبنا
وأفكارنا في مكان آخر. هل هذه هي الطريقة التي يريدنا الله أن نعيش بها حقًا؟ هل
هذا ما كان في ذهنه عندما قال إنه سيعطينا حياة وفيرة (يوحنا ١٠ : ١٠)؟…
علينا أن نحمل حياتنا مع الله – ووعينا
بحضوره – معنا في كلّ مكان، ليس فقط خلال أوقات الهدوء، ولكن أيضًا خلال أوقات
الضجيج، من خلال دمج تطبيقات في حياتنا تساعدنا على إبقاء هذا الوعي حيًا أمامنا
طوال اليوم، كلّ يوم."
التطبيق
فيما يلي بعض التطبيقات التي وجدتها مفيدة في حياتي
اليومية لتطبيق حضور الله. للحصول على المزيد من التطبيقات، أشجعك على تحميل أو
شراء دليل لتطبيق حضور الله.
١. كلّ شيء مهمّ
الأخ لورانس التزم بفعل "الأشياء الصغيرة بدافع محبة
الله، الذي لا يهتم بعظمة العمل بل بالمحبة التي يُؤدَّى بها." هذا يعني أنه
يمكنك تمجيد الله أثناء قيامك بأعمال يومية عادية مثل إخراج القمامة، غسل الأطباق،
غسل الملابس، كيّها، تنظيف أسنانك، أو أي نشاط بسيط آخر. اختر مهمة يومية تقوم بها
بانتظام، وفي كل مرة تقوم بها هذا الأسبوع، اجعل هدفك تأديتها تكريمًا للَّه،
واشكره أثناء أدائك لها.
٢. شيئان أبديّان
هناك شيئان فقط على الأرض سيبقيان للأبد: كلمة الله
والناس. أكثر الأنشطة قيمة هي تلك التي نستثمر فيها الكلمة في حياة الآخرين. ابحث
عن طريقة لفعل ذلك اليوم أو خلال هذا الأسبوع.
٣. تذكّر الموت (Memento
Mori)
يتآمر الزمن مع الله ليأخذ منّا رجاءنا المؤقت، حتى يكون
رجاؤنا الوحيد فيه. تذكر أن حياتك في هذا العالم هي إعداد للحياة القادمة. في هذا
التمرين، اختر شيئًا لتضعه بالقرب منك، مثل ساعة رملية، أو شمعة، أو حتى زهرة
ستذبل قريبًا، لتذكرك بفنائك. اقرأ مزمور ٩٠ وتأمل في معنى "إحصاء
أيامك." (هذا ليس أمرًا سوداويًا، بل حكمة!)
٤. أوّل شيء في الصباح
قبل النهوض من السرير، أو أثناء الاستعداد لليوم (مثل
أثناء الاستحمام)، مرّر في ذهنك مقطعًا من الكتاب المقدس، وحوّله إلى صلاة للَّه
من أجل اليوم القادم. أحب استخدام مزمور ٢٣ أو كولوسي ٣: ١ - ١٧ لكن
يمكنك اختيار آية أقصر بكثير (حتى بضع كلمات من آية واحدة). عادةً ما نستعد ليومنا
دون وعي كبير، لذا فإن هذه طريقة جيّدة لاستثمار هذا الوقت ولتسمح لكلمة الله بأن
تتغلغل في قلبك وعقلك.
مقاطع مقترحة: مزمور ٢٧ : ١؛ مزمور ١٠٣ : ١؛ مزمور ١٤٣
: ٨؛ أو فيليبي ٤ : ٦ - ٧.
ظهرت هذه المقالة في الأصل بعنوان:
"الأساسيات
الروحية الثمانية، الجزء الرابع: تطبيق حضور الله"
على موقع) KenBoa.org تمّ الاستخدام
بإذن.(
طلبة الصلاة:
صلِّ هذا الأسبوع:
إلهي،
يا أبي، لقد دعوتني لطلب وجهك. سأسعى إليك وأعترف بحقّك في إرشاد كلّ جانب من جوانب حياتي.
آمين
هل تصلي أبدًا بعد وقت حلو مع الله ثم تترك هذا الجزء من حياتك في المنزل عندما تنتقل إلى مكان عملك؟
تواصل معنا.